هجمات إلكترونية لـ "داعش" والنظام السوري وروسيا والصين تستهدف وسائل الإعلام

حذّر من قدرة منفذيها على تعطيل البث في محطات الأخبار
هجمات إلكترونية لـ "داعش" والنظام السوري وروسيا والصين تستهدف وسائل الإعلام
عبدالله الراجحي- سبق- جدة:كشف تقرير دولي متخصص عن تركيز العناصر التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في كل من سوريا والعراق، إلى جانب دول أخرى كروسيا والصين وجماعات أخرى كالموالين لنظام بشار الأسد، على تنفيذ هجمات إلكترونية ضد المواقع الخاصة بوكالات الأنباء والمحطات الإخبارية، مشيرًا إلى أن التنظيم يلجأ لمثل هذه العمليات كأحد أساليب "الدعاية العنيفة".
 
واستشهد التقرير الذي أعده قسم استخبارات التهديدات الإلكترونية في شركة "فاير آي"، المتخصصة في تقديم حلول مكافحة الهجمات الإلكترونية، بإعلان جماعة تطلق على نفسها اسم "الخلافة الإلكترونية"، وتزعم أنها تنتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية، في إبريل الماضي، مسؤوليتها عن تعطيل البث المباشر ومواقع الإنترنت لشبكة (TV5Monde)، وهي شبكة تلفزيونية فضائية عالمية باللغة الفرنسية.
 
وأوضح أن تلك الجماعة قامت بنشر بيانات دعائية على المواقع الخاصة بالشبكة، وحسابات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى نشر هويات الجنود الفرنسيين الذين من المفترض أن يشاركوا في عمليات عسكرية ضد التنظيم.
تعطيل أنظمة البث
وأشار التقرير إلى أن منفذي هذا الهجوم الإلكتروني قالوا إنهم تمكنوا من تعطيل أنظمة البث والإنتاج الإخباري في (TV5Monde) لعدة ساعات، مبينًا أن هذه الحادثة قد تكون المرة الأولى التي تتعطل فيها محطة تلفزيونية عن البث نتيجة للهجمات الإلكترونية.
 
وأضاف: "بالطبع تعد هذه إشارة سيئة للغاية، إذ إنها تدل على أن الجماعات المنفذة للهجمات الإلكترونية أصبحت قادرة على تعطيل البث في محطات الأخبار، كما تعد أيضًا بمثابة جرس إنذار لباقي المحطات والقنوات الإخبارية فيما يتعلق بأمنها الإلكتروني".
 
مصادر متعددة
وبيّن التقرير أن منفذي الهجمات الإلكترونية على المواقع الإعلامية لا ينتسبون فقط إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ويقول في هذا الصدد: "يستهدف منفذو الهجمات الإلكترونية، الذين حسب اعتقادنا يعملون من روسيا والصين أو على علاقة بالحكومة السورية، منذ فترة طويلة المؤسسات الإعلامية الكبرى لدعم أهداف سياسية واقتصادية".
 
 ويستدرك بأن الجماعات المؤيدة للدولة الإسلامية تختلف عن غيرها من حيث استهدافها لوكالات الأنباء بمختلف أحجامها، بما في ذلك محطات البث الكبيرة مثل (TV5Monde)، فضلاً عن حسابات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية لوكالات التسويق ومحطات التلفاز الصغيرة، مثل مجلة (Albuquereque) و(WBOC) في مدينة سالزبوري بولاية ماريلاند.
 
ويشير إلى اتساع نطاق هذه الهجمات الأخيرة إلا أن وكالات الأنباء العالمية ليست الوحيدة المعرضة للخطر في وقت أصبحت فيه نظم الإنتاج والبث الحديثة على  الشبكة نفسها.
 ويكشف تقرير (فاير آي) أيضًا عن قيام ما اسماها بـ"جماعات التهديد الإلكتروني" الموجودة في روسيا والصين باختراق شبكات وكالات الأنباء، بهدف جمع المعلومات الاستخباراتية حول القصص والأخبار المختلفة قبل نشرها، وتحديد مصادر الصحفيين، وفرض الرقابة، وتكميم المعارضة، كجزء من استراتيجيتها للسيطرة على الصورة الوطنية لبلدهم.
 
وذكر أن روسيا تحديدًا تعد الأخبار الإقليمية والدولية بمثابة أدوات مشروعة للدفاع عن مصالحها، كجزء من استراتيجية حرب المعلومات في البلاد.
 
جماعات روسية
 وأضاف: "قمنا على سبيل المثال، بإعداد بيان عن جماعة روسية مشتبه بها تدعى (APT28)، والتي نجحت في وضع رسائل بريد إلكتروني خبيثة لاختراق البريد الإلكتروني لأحد الصحفيين الذين يكتبون عن القوقاز".
 
وعن الصين، قال التقرير: "تستغل جماعات في الصين شبكات الوكالات الإخبارية للاطلاع على الأخبار المهمة التي من المنتظر أن تنشر عن كبار القادة، والشركات الصينية الكبرى، والحكومة، والحزب الشيوعي".
 
وأضاف: "في أوائل العام 2013، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" وصحيفة "وول ستريت جورنال" أن جماعات منفذة لهجمات إلكترونية مقرها الصين قامت برصد شبكاتها، على الأرجح لتحديد المصادر المستخدمة في المقالات التي تضر بسمعة البلاد".
 
كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن وكالة "بلومبرج" وصحيفة "واشنطن بوست" تعرضتا أيضًا لحوادث مماثلة، كما طعنت السلطات الصينية أيضًا في صحة التأشيرات ودهمت مكاتب "بلومبرج" على أراضيها.
 
 هجوم صيني
ورجح التقرير أن الصين تعد عمليات الهجوم الإلكتروني على المؤسسات الإخبارية بمثابة أداة قيمة للتلاعب بالرأي العام خلال الأزمات، وقال: "على سبيل المثال، في نوفمبر 2014، نجحت جماعة منفذة للهجمات الإلكترونية في الصين في تعطيل الوصول إلى مواقع إلكترونية خاصة بالاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونج كونج، وكذلك منع الوصول إلى مواقع إلكترونية خاصة بشركة إعلامية تتبنى آراء مناهضة للحكومة الصينية".
 
إثبات للقدرات
ذكر تقرير "فاير آي" قراصنة المواقع الإلكترونية المؤيدين للحكومة السورية يقوم باختراق مواقع وكالات الأخبار لإثبات قدراتهم الخارجية، ومعاقبة وكالات الأنباء على إصدار تقارير إخبارية يعدونها متحيزة ضدهم، وأيضًا لحشد مؤيدين لهم من أنحاء العالم كافة.
 
 وأوضح التقرير أن شركات ووكالات الأخبار العالمية تعد بمثابة أهداف مهمة لمثل هذه الجماعات بسبب حجم جمهورها والنفوذ العالمي الذي تتميز به.
 
 وأضاف: "قد كان لبعض الحوادث التي تعرضت لها بعض من هذه المؤسسات آثار واسعة، فعلى سبيل المثال، تمكن الجيش السوري الإلكتروني (SEA) من اختراق حساب تويتر لوكالة "أسوشيتد برس" في إبريل 2013، ونشر على موقعها أن انفجارًا قد حدث في البيت الأبيض، وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أصيب بجروح، وقد نتج من هذا الخبر انخفاض مؤقت في سوق الأوراق المالية الأمريكية بلغ 136 مليار دولار أمريكي". 
 
استهداف المنظمات الإخبارية
وبالعودة إلى الهجمات التي ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية، أوضح تقرير "فاير آي" أنه بخلاف الجماعات المنفذة للهجمات الإلكترونية التي تدعمها الدولة في كل من الصين وروسيا، تعد الجماعات المؤيدة للدولة الإسلامية نوعًا مختلفًا من منفذي الجرائم الإلكترونية، حيث تميل هذه الجماعات إلى استهداف شركات التسويق الصغيرة، إضافة إلى ركائز الأخبار العالمية".
وكشف التقرير أنه خلال العام الماضي، انتقل القراصنة المؤيدون للدولة الإسلامية من اختراق حساب التواصل الاجتماعي لمحطة تلفزيون محلية في ولاية ماريلاند الأمريكية إلى تنفيذ عملية اختراق أكبر لشبكة التلفزيون العالمية (TV5Monde) الشهر الماضي.
 
وقال: "ربما تدل عمليات الاستهداف العشوائية هذه على عدم وجود قادة أو تنظيم محدد لمثل هذه الجماعات من القراصنة، فمن المرجح أن هؤلاء القراصنة المؤيدين للدولة الإسلامية منتشرون في جميع أنحاء العالم ويتقابلون بسهولة عبر الإنترنت للتخطيط لهجماتهم الإلكترونية.
 
وأضاف: "من المحتمل أن قادة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا لا يصدرون أوامر بخصوص الأهداف أو عمليات القرصنة الإلكترونية التي يقوم هؤلاء القراصنة بتنفيذها".
وأكد التقرير أن مثل هذه العمليات التي يقوم بها القراصنة تفاجئ أيضًا منظمو حسابات التواصل الاجتماعي لعناصر الدولة الإسلامية، فعلى سبيل المثال، تأخرت حسابات التواصل الاجتماعي لعناصر الدولة الإسلامية في التعليق على عملية اختراق شبكة TV5Monde، ولم ترد سوى في وقت لاحق في يوم تنفيذ العملية.
 
ورأى أن قراصنة المعلومات المؤيدين للدولة الإسلامية يعملون – فيما يبدو – بطرق مماثلة تمامًا للطرق التي يستخدمها نظراؤهم في ساحة المعارك الواقعية، فهم يحاولون الاستفادة بأكبر قدر ممكن من التقنيات المتاحة على نطاق واسع لإجراء عمليات قرصنة واختراق إلكترونية مماثلة لما يقوم به مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق أو سوريا من هجمات بالعبوات الناسفة.
وزاد: "بالطبع فإن عدم التنظيم الذي تتصف به مثل هذه الجماعات يجعل من الصعب التكهن بأهدافها المقبلة، وذلك على العكس من العمليات أو الهجمات المدروسة والمنظمة التي تقوم بها الجماعات التي ترعاها الدولة.
 
وخلص التقرير إلى أن شبكات وسائل الإعلام تعد أهدافًا مثيرة لكل من الإرهابيين والحكومات الوطنية، فمع عدم توفر درجة كافية من الأمن، قد تجد هذه المنظمات أنفسها فريسة لهجمات موجهة من قِبل المؤيدين للدولة الإسلامية، منبهًا أيضًا إلى ضرورة أن تأخذ وكالات الأخبار والإعلام أيضًا في الاعتبار أن الجماعات المنفذة للهجمات الإلكترونية في كل من روسيا والصين قد تكون قادرة على تنفيذ عمليات أكثر خطورة من ذلك بكثير.
 
وقال: "في وكالات الأخبار الحديثة، غالبًا ما يتم دمج نظم البث المختلفة داخل شبكة واحدة، يمكن من خلالها الوصول إلى أنظمة الإنتاج والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وموارد الأقمار الصناعية، وبالتالي تصبح هذه الشبكة عرضة لعمليات اختراق إلكتروني تهدف إلى تعطيل قدرتها على البث.
 
وأضاف: "بالطبع فإن المحطات التي يتم اختراقها وتعطيل قدرتها على البث قد تفقد ثقة عملائها والمعلنين، ما يعرضها لخسائر كبيرة، وذلك إضافة إلى تأثر ثقة المشاهد بخصوص ما تبثه من معلومات أو أخبار. وقد يكون لمثل هذه العمليات تأثير سلبي على حرية الصحافة إذا اعتقدت الجماعات المنفذة للهجمات الإلكترونية أن قرصنة الأخبار تعد وسيلة ناجحة للتصدي لكل من يعارضهم أو ينتقدهم، حتى لو كانوا بالخارج".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org